ثقب أسود عملاق يطلق مادة بسرعات قريبة من سرعة الضوء بعد ابتلاعه غازًا كثيفًا بشكل مذهل

ثقب أسود عملاق يطلق مادة بسرعات قريبة من سرعة الضوء بعد ابتلاعه غازًا كثيفًا بشكل مذهل

في ظاهرة فلكية مدهشة، كشف علماء الفلك عن رصد ثقب أسود فائق الكتلة يقذف مادة بسرعات تصل إلى ثلث سرعة الضوء، وذلك بعد استهلاكه كميات هائلة من الغاز خلال فترة زمنية قصيرة. الثقب الأسود المعروف باسم PG1211+143، يقع في مجرة من نوع “سيفرت” على بعد 1.2 مليار سنة ضوئية من الأرض ويقدر وزنه بما يعادل 40 مليون ضعف كتلة الشمس.

اسم الثقب الأسود المجرة المسافة من الأرض الكتلة
PG1211+143 مجرة سيفرت 1.2 مليار سنة ضوئية 40 مليون ضعف كتلة الشمس

استنادًا إلى البيانات التي جمعها تلسكوب الأشعة السينية XMM-Newton التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، فقد استهلك الثقب الأسود خلال خمسة أسابيع فقط كمية من الغاز تعادل 10 أضعاف كتلة الأرض، لكنه لم يمتص كل هذه الكمية، بل أطلق جزءًا منها بسرعة تبلغ 0.27 ضعف سرعة الضوء، أي أكثر من 290 مليون كيلومتر في الساعة.

الارتجاع الكوني: “تجشؤ” فلكي يغيّر مصير مجرات بأكملها

نشرت نتائج هذا الاكتشاف في مجلة Monthly Notices of the Royal Astronomical Society، حيث أوضحت أن الثقب الأسود لم يطلق المادة فورًا بعد ابتلاعها، بل بعد عدة أيام مما أدى إلى تسخين نواة المجرة النشطة المحيطة به إلى درجات حرارة تصل إلى ملايين الدرجات. ويُعتقد أن الضغط الإشعاعي الناتج عن هذه الحرارة كان كافيًا لدفع الغاز المحيط بعيدًا، مسببًا حرمان المجرة من المواد اللازمة لتكوين النجوم.

تأثيرات بعيدة المدى على تكوين النجوم والمجرات

تشير التحليلات إلى أن الرياح الخارجة من الثقب الأسود بسرعات فائقة ربما أزاحت سحب الغاز البارد، وهي المادة الأساسية لتشكل النجوم. الباحث الرئيسي، البروفيسور كين بوندز، أكد على ندرة المراقبة المباشرة لنمو الثقب الأسود في ظروف مشابهة، حيث يكون من النادر توفر المادة الكافية لدعمه.

فهم أعمق لدور الكوازارات والنوى المجرية النشطة

تسلط هذه الظاهرة الضوء على الدور الحيوي للكوازارات والنوى المجرية النشطة في تحديد مصير المجرات، فمن المعروف أن هذه الأجسام الكونية تستطيع تعطيل عمليات تشكيل النجوم عبر طرد المواد الضرورية بسرعة هائلة إلى الفضاء، مما يحول المناطق الخصبة بالنجوم إلى مناطق جرداء. يأمل العلماء في أن تسهل الدراسات المستقبلية فهم تكرار هذه الظواهر وكيف تسهم في النمط العام لتطور الكون على المدى الطويل.

يشكل هذا الاكتشاف نافذة نادرة لفهم السلوك الديناميكي للثقوب السوداء العملاقة ودورها في التحكم بتكوين النجوم والمجرات. وبينما تتواصل فرق الفلكيين حول العالم في مراقبة هذه الظواهر العنيفة، تتضح أكثر فأكثر العلاقة المعقدة بين تغذية الثقوب السوداء وحياة النجوم والمجرات في الكون.