
في إنجاز علمي يعدّ بارزًا، قدم فريق من الفيزيائيين في معهد الفيزياء بجامعة ساو باولو نموذجًا جديدًا لسلوك المادة المظلمة في ظل الطاقة المظلمة، ويهدف هذا النموذج إلى التوافق مع الملاحظات الفلكية الحالية وقد نُشر مؤخرًا في مجلة Journal of High Energy Physics، يعتمد النموذج الجديد على فكرة أن المادة المظلمة غير مرنة وتنتج عن جسيمات خفيفة تتفاعل جماعيًا عبر وسيط فيكتوري ضخم.
يعتقد الباحثون أن هذا الإطار النظري يمثل فرصة للتغلب على التحديات التجريبية التي أعاقت اكتشاف المادة المظلمة، ويمنح العلماء أداة لفهم “الكتلة المفقودة” في الكون، إذ يرى الباحثون في هذا النموذج إمكانية ثورية قد تغيّر من طرق تحليل فيزياء الجسيمات في المستقبل.
يشير النموذج إلى أن المادة المظلمة المستقرة الثقيلة تنشأ نتيجة لمادة مظلمة خفيفة غير مستقرة، وهذه الظاهرة تعرف بالتجمّد الحراري حيث تتباطأ الجسيمات تدريجيًا وتوقف تفاعلاتها مع مرور الوقت في الكون المبكر، ما يميز هذا النموذج هو فرضيته بوجود تفاعل بين المادة المظلمة والمادة المرئية وأيضًا فيما بينها، مما يفتح آفاقًا جديدة لرصدها من خلال نوافذ رصد جديدة.
لتفسير عدم رصد المادة المظلمة حتى الآن، يعزو النموذج الأمر إلى أن الجسيم غير المستقر χ2 يتحلل إلى نوع من الجسيمات التي لا تؤثر على إشعاع الخلفية الكونية، وهو ما يعني أنها لا تصدر إشارات يمكن رصدها حاليًا، ما يجعل النموذج متماشيًا مع القيود الفيزيائية والفلكية السارية ويتفادى الافتراضات المبسطة التي تتعلق بمادة مظلمة تقليدية.
يعمل الوسيط الخفيف ZQ كبوابة تربط “القطاع المظلم” بالمادة العادية، وقد يكون هذا الجسر هو الحلقة المفقودة لفهم أعمق لتركيب الكون، ويتحدد الخط الأسود في فضاء المعلمات المنطقة المحتملة لاختباء المادة المظلمة بعيدًا عن أجهزة الرصد.
توصي الدراسة بتحول جذري في منهجية البحث عن المادة المظلمة، حيث يجب أن يتحول التركيز من الاعتماد على الأجهزة الفائقة الحساسية التي تبحث عن الإشارات النادرة إلى “حدود الكثافة”، بحيث يتم التركيز على القياسات الدقيقة لملاحظة أي شذوذ في سلوك الجسيمات.
من المقرر استخدام أداة إلكترونية جديدة في التجارب المستقبلية لاستكشاف هذه الجوانب الغامضة من فيزياء الجسيمات، ويأمل الباحثون بأن تمهد هذه المقاربة الجديدة الطريق لفهم أكثر واقعية للمادة المظلمة، التي تظل أحد أكبر الألغاز التي يواجهها الكون حتى الآن.