
أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 23 يوليو خطة العمل الوطنية للذكاء الاصطناعي، وهي وثيقة كان من المتوقع أن تحدد السياسة الفيدرالية تجاه الذكاء الاصطناعي خلال ولايته الثانية، لكن ما تضمنته أثار انتقادات واسعة، حيث أشار العديد إلى وجود غموض قانوني وقيود أيديولوجية قد تؤثر سلبًا على حقوق الولايات والمستهلكين
استجابت الخطة لمطالب شركات التكنولوجيا الكبرى مثل OpenAI وAnthropic وGoogle لكنها لم تُدرج إعفاءات واضحة من حقوق الملكية الفكرية اللازمة لتدريب النماذج، كما أعطت الحكومة الفيدرالية صلاحيات محددة في تمويل الولايات، ويعتبر الخبراء هذا بمثابة محاولة غير مباشرة لمنع الولايات من تنظيم الذكاء الاصطناعي
حذر ترافيس هول، مدير السياسات في مركز الديمقراطية والتكنولوجيا، من أن رؤية ترامب تؤدي إلى حالة من الغموض التنظيمي الاستثنائي للولايات والشركات التقنية، حيث يسعى الرئيس لربط التمويل الفيدرالي للذكاء الاصطناعي بالتزام الولايات بعدم فرض تنظيمات مرهقة، دون أي وضوح بشأن هذه التنظيمات
تقول غريس جيديي، المحللة السياسية في “كونسيومر ريبورتس”، إنه لا توجد معايير واضحة لما يُعتبر ذكاءً اصطناعيًا في سياق التمويل، أو ما يُعد تنظيمًا مرهقًا، ما يظهر أن هذا الغموض قد يكون مقصودًا لتقييد قدرة الولايات
يشير هول إلى أن مصطلح متعلق بالذكاء الاصطناعي يمكن تفسيره بمرونة كبيرة، مما قد يعرض تمويل مشاريع البنية التحتية مثل الطرق أو الإنترنت للخطر إذا استخدمت خوارزميات تعلم الآلة
في سياق ذي صلة، طلب ترامب من لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC) تقييم ما إذا كانت تنظيمات الولايات حول الذكاء الاصطناعي تعيق صلاحياتها وفقًا لقانون الاتصالات لعام 1934، وقد وصف كودي فينزكي من الاتحاد الأميركي للحريات المدنية هذا الطلب بأنه تشويه غير مسبوق للقانون الفيدرالي
أكد فينزكي أن اللجنة ليست وكالة خصوصية ولا تمتلك صلاحيات شاملة لتنظيم التكنولوجيا وأن محاولة فرض رقابة من خلالها على الذكاء الاصطناعي تعد غير قانونية بوضوح، وتصاعدت المخاوف نظرًا لسجل ترامب في تسييس اللجنة، حيث أقال بشكل غير قانوني اثنين من أعضائها الديمقراطيين في مارس
وقع ترامب ثلاث أوامر تنفيذية في سابقة مثيرة للجدل، أحدها يهدف إلى منع ما وُصف ب “الذكاء الاصطناعي المستيقظ” في الحكومة الفيدرالية، حيث قيد استخدام الوكالات الفيدرالية لنماذج لغوية كبيرة، مشترطًا أن تكون محايدة وغير متحيزة وتركز على الحقائق العلمية فقط
جاء في الأمر أنه يجب على الأنظمة الذكية ألا تتبنى أيديولوجيات مثل التنوع والمساواة والشمول، ويجب أن تعترف بعدم اليقين في حال كانت المعلومات غير مكتملة أو متناقضة، واعتبر الخبراء هذه السياسة محاولة فاشلة لفرض رؤية أيديولوجية خاصة تحت غطاء الحياد، حيث علق فينزكي بأن من الصعب تعريف الحياد المطلق
حذر هول من أن هذه السياسات قد تضغط على شركات مثل OpenAI لإعادة تشكيل نماذجها لتتماشى مع توجّه البيت الأبيض، ما قد يؤثر لاحقًا على المنتجات الموجهة للمستهلكين، وقد أعطى فينزكي مثالاً عن نظام “Grok” من شركة xAI التابعة لإيلون ماسك، والذي انحرف عن مساره في مناسبتين نحو محتوى عنصري ومعادٍ للسامية بسبب تطبيق مفهوم “الحياد المطلق”
على الرغم من أن معظم المحللين يرون أن خطة ترامب لتقييد سلطة الولايات قد تكون غير دستورية، إلا أنهم يحذرون من العواقب العملية في ظل وجود تجاوزات قانونية من الإدارة، حيث قد لا تستطيع المحاكم التصدي لها في كل الأحيان
اختتم هول قائلًا إنه بدلاً من فتح نقاش حقيقي حول علاقة التنظيم المحلي بالسياسة الفيدرالية، فإن الإدارة قد فتحت المجال لتجاوزات واسعة النطاق قد تؤدي إلى نتائج ضارة بدلاً من حماية فعالة للذكاء الاصطناعي