صراع جديد يشتعل في عالم كرة القدم بسبب ضغط المباريات المتزايد

صراع جديد يشتعل في عالم كرة القدم بسبب ضغط المباريات المتزايد

يشهد عالم كرة القدم حاليًا أزمة متصاعدة بفعل ازدحام التقويم الكروي، حيث ترّتفع حدة الخلافات بين الكيانات المختلفة مثل الاتحادات والنقابات والأندية والدوريات المحلية والدولية، نتيجة لتضارب المواعيد وزيادة البطولات المعدلة، ما يضع اللاعبون في وسط ضغوط متزايدة تهدد صحتهم ومستقبلهم المهني.

يعتبر هذا الخلاف من التحديات الكبرى التي تواجه كرة القدم الحديثة، وفقًا لتقرير صحيفة “آس” الإسبانية، حيث تتزايد التحذيرات من وصول التقويم الكروي إلى مرحلة الإنهاك التام بسبب تضاعف عدد المباريات، وهو ما أثار جدلاً واسعًا مؤخراً حتى صار يوصف بأنه بداية لحرب أهلية في عالم كرة القدم.

بدأت النقابات الممثلة للاعبين في رفع صوتها بصورة غير مسبوقة، توجه انتقادات حادة للمؤسسات المسيطرة على اللعبة عالميًا، بينما تدافع هذه المؤسسات عن مصالحها الاقتصادية الناتجة عن تنظيم البطولات، كما ترفض الدوريات المحلية التنازل عن مواعيد مبارياتها وتنتقد البطولات الجديدة التي تضيف أعباء إضافية على الأندية واللاعبين.

بطولة كأس العالم للأندية الأخيرة أثارت جدلاً كبيرًا، فقد اعتبرها الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” بطولة ناجحة، وحظيت بترحيب واسع من الجماهير لما قدمته من متعة، لكنها دفعت العديد من الأندية إلى خوض عدد قياسي من المباريات في موسم واحد.

نقابة اللاعبين العالمية “FIFPro” التي تضم نحو 70 نقابة تمثل حوالي 65 ألف لاعب محترف، وجهت انتقادات قوية لـ”فيفا”، مشيرة إلى أن كرة القدم تتجه نحو نموذج يهدد صحة اللاعبين ويهمش دورهم الأساسي في اللعبة.

تعود جذور هذه المشكلة إلى سنوات عدة مضت، حيث يطالب ممثلو اللاعبين بإصلاحات حقيقية تضمن فترات راحة كافية، بينما أكدت “فيفا” أنها لم تتقاعس عن اتخاذ إجراءات، وأنها عقدت اجتماعات مع عدة نقابات خلال بطولة كأس العالم للأندية، من أجل وضع استراتيجيات تهدف لحماية صحة اللاعبين.

من بين الإجراءات التي تعهدت بها “فيفا”، فرض فترة راحة إلزامية لا تقل عن 72 ساعة بين المباريات، وإجازة لا تقل عن 21 يومًا بين مواسم اللعب، بالإضافة إلى زيادة تمثيل اللاعبين ونقاباتهم في الهيئات المعنية باتخاذ القرارات.

لكن لا توجد لوائح واضحة وملزمة سواء على المستوى المحلي أو الدولي، حيث تقتصر الأمور في الغالب على توصيات غير ملزمة لا يتم الالتزام بها بصرامة، ما نتج عنه نزاعات متكررة بين الجهات المنظمة بخصوص المواعيد واستمرارية البطولات.

خافيير تيباس رئيس رابطة الدوري الإسباني كان من أبرز المعارضين لفكرة إنشاء بطولات جديدة مثل كأس العالم للأندية، لكنه بالمقابل لا يظهر مرونة في تعديل مواعيد مباريات الدوري الإسباني لحماية اللاعبين.

يرى تيباس أنه يجب توجيه السؤال إلى “فيفا” و”يويفا” حول سبب عدم تعديل مواعيد بطولاتهما بما يضمن راحة اللاعبين، بدلاً من أن تكون البطولات المحلية هي الجهة الوحيدة التي تتنازل في هذا الصدد.

في هذا الإطار، قام ريال مدريد بطلب تأجيل انطلاق موسمه في الدوري الإسباني من 19 أغسطس، حيث أكد أن الفترة بين مباراته في كأس العالم للأندية بداية يوليو وبداية الدوري لا تمنح اللاعبين فترة الإجازة الدنيا البالغة 21 يومًا، فضلاً عن الحاجة إلى فترة إعداد كافية.

على الرغم من ذلك، يبدو أن ريال مدريد ليس الأكثر تضررًا، إذ أن باريس سان جيرمان الذي خاض نهائي كأس العالم للأندية في يوليو، سيبدأ مشواره في كأس السوبر الأوروبي بعد أقل من شهر، وبالتالي فإن الفرق المحلية لا تميل للتنازل عن مواعيدها.

يؤدي ذلك إلى زيادة عدد المباريات التي تخوضها الأندية سنويًا، كما أكدت “فيفا” أن الأندية الآن لا تخوض عددًا أكبر من المباريات مقارنة بالسابق، مضيفة أن ريال مدريد كان قد سجل 66 مباراة في موسم 2000-2001 كرقم قياسي.

ومع ذلك، نجح النادي الملكي هذا الموسم في كسر رقمه القياسي بخوض 68 مباراة في سبع بطولات مختلفة، وكان بالإمكان الوصول إلى 72 مباراة لو بلغ النهائي في دوري الأبطال.

تدفع هذه المؤشرات المقلقة النقابات إلى مزيد من التحذيرات، حيث أصبح الإحساس بالتجاهل من الجهات المنظمة سمة تسيطر على خطابهم، مما قد يمهد الطريق لأزمة أشد إذا لم تُجِد الجهات المعنية حلولاً جذرية لهذه المشكلة المتفاقمة.